"سر الحياة ليس مشكلة نحلها، بل واقع نعيشه." هذه العبارة من فيلم كثيب (Dune)، حيث صور المخرج دينيس فيلنوف كوكب أراكيس الخيالي، الذي كان موقع تصويره الرئيسي صحراء وادي رم الأردنية التي تشبه الكواكب البعيدة. تُعد المملكة الأردنية الهاشمية، الواقعة في الشرق الأوسط، واحدة من الدول التي تغطيها الصحراء بنسبة تقارب 80% من مساحتها الإجمالية، بمناظرها الصحراوية الجرداء وجبالها القاحلة التي تشبه تضاريس كوكب المريخ. هذا التنوع الجغرافي جعل الأردن في السنوات الأخيرة وجهة رئيسية لصناعة الأفلام العالمية.
وفي إطار تعزيز التبادل الثقافي الدولي واستكشاف الإمكانيات الكبيرة للأراضي الأردنية، وأيضًا لتوسيع آفاق التعاون السينمائي بين الصين والأردن، استضافت العاصمة الأردنية عمان فعالية "الترويج للسينما الصينية بالخارج" من خلال مهرجان "السينما الصينية-البكين" الذي تضمن حفل افتتاح وعروض أفلام وندوة لتبادل التعاون السينمائي بين الصين والأردن. أقيمت الفعالية برعاية مكتب السينما في بكين، وبالشراكة مع المركز الثقافي الصيني في عمان، وبدعم من هيئة الإذاعة والتلفزيون في بكين، ولجنة مهرجان بكين السينمائي الدولي، وصالات السينما TAJ Cinemas في عمان، وسفارة الصين في الأردن، واللجنة الملكية الأردنية للأفلام.
عُقد حفل افتتاح مهرجان "السينما الصينية-البكين" في تمام الساعة الخامسة والنصف مساءً يوم 17 نوفمبر 2024 بتوقيت عمان. حضر الحفل أكثر من 500 ضيف، بمن فيهم السفير الصيني لدى الأردن السيد تشن تشواندونغ، وأمين عام وزارة الثقافة الأردنية السيد ماهر النفاش، والمدير العام للجنة الملكية الأردنية للأفلام السيد مهند البكري، ومدير المكتب العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون في بكين ونائب مدير مكتب مهرجان بكين السينمائي السيد تشانغ دونغلين، بالإضافة إلى وفد السينما الصينية ومستشار الثقافة بسفارة الصين في الأردن ومدير المركز الثقافي الصيني السيد شي وي، وعدد من الشخصيات البارزة من مختلف المجالات في الأردن.
في كلمته الافتتاحية، أكد السفير الصيني تشن تشواندونغ على عمق التاريخ والغنى الثقافي الذي يجمع بين الصين والأردن، مشيرًا إلى أن السينما، باعتبارها فنًا يتجاوز الحدود واللغات والثقافات، توفر وسيلة فعالة لتعزيز التفاهم والتواصل بين الشعوب. وأعرب عن أمله في أن تمنح الأفلام الصينية الجمهور الأردني فرصة لاكتشاف المجتمع الصيني الحديث والتعرف على مشاعر وقيم الشعب الصيني.
من جانبه، وصف السيد مهند البكري هذه الفعالية بأنها فرصة قيمة للجمهور الأردني للتعرف على الثقافة الصينية العريقة من خلال السينما، مشيدًا بالسحر الخاص للسينما في بناء الروابط بين الناس والتأثير على وعيهم وثقافاتهم. وأكد على أهمية استمرار مثل هذا التعاون في المستقبل.
كما أشار السيد تشانغ دونغلين إلى أن مهرجان بكين السينمائي الدولي يمثل منصة مهمة لتعزيز التبادل السينمائي بين الصين والعالم، وأنه يتبنى مبدأ "مشاركة الموارد، الفوز المشترك"، مع الالتزام بالقيم التي تعكس الانسجام والجمال. وأعرب عن تطلعه إلى تعزيز التعاون مع العاملين في صناعة السينما الأردنية من خلال هذه الفعالية.
عرض مهرجان "السينما الصينية-البكين"، الذي أقيم في صالات TAJ Cinemas في عمان يومي 17 و18 نوفمبر، أربعة أفلام صينية بارزة هي:
(فقدت في السماء المرصعة بالنجوم)
(الاجتماع السنوي لا يمكن وقفها)
(الإصبع الذهبي)
(الجبهة الجمركية)
تميزت الأفلام بتنوع موضوعاتها وأساليبها، مما يعكس النضج المتزايد لصناعة السينما الصينية. وقد لاقت هذه الأفلام استحسان الجمهور الأردني، حيث عبر أحد المشاهدين الذين حضروا جميع العروض عن إعجابه قائلاً: "لم أتوقع أن تكون الأفلام الصينية بهذه الجودة الرائعة. فيلم الإصبع الذهبي والجبهة الجمركية كانا مليئين بالإثارة، بينما قدمت فقدت في السماء المرصعة بالنجوم والاجتماع السنوي لا يمكن وقفها لمحات عن الحياة العاطفية المعاصرة."
وفي جلسة النقاش حول التعاون السينمائي بين الصين والأردن، أتيحت الفرصة لصانعي الأفلام الأردنيين للتواصل مع وفد السينما الصينية والاطلاع على الصناعة الصينية. وصرح أحد المخرجين الشباب قائلاً: "هذه فرصة فريدة من نوعها. بعد مشاهدة الأفلام الصينية والتفاعل مع صانعيها، أصبحت أكثر إلهامًا وأتطلع للعمل على مشاريع مشتركة في المستقبل."
عُقد صباح يوم 18 نوفمبر اجتماع وندوة للتعاون السينمائي بين الصين والأردن، حيث عرض ممثل اللجنة الملكية الأردنية للأفلام إمكانيات التصوير في الأردن، بينما قدم ممثل مهرجان بكين السينمائي الدولي نبذة عن الإنجازات الحديثة للمهرجان. وشهدت الجلسة توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين، بهدف تعميق التعاون السينمائي المستقبلي.
وقد حظيت الفعالية باهتمام كبير من وسائل الإعلام المحلية والدولية، بما في ذلك وكالة أنباء شينخوا، صحيفة الشعب اليومية، محطة الإذاعة والتلفزيون الصينية، والتلفزيون الأردني، وصحيفة الرأي.
في مشهد أيقوني من فيلم لورنس العرب الذي تم تصويره في الأردن، تنطفئ عود ثقاب ليضيء خلفه شروق الشمس الحمراء فوق الصحراء. واليوم، يسعى الأردن والصين معًا وراء نور السينما، ليعكسا من خلال عدسات الكاميرا وشاشات العرض قصصًا عن أراضٍ بعيدة وشعوب متنوعة، في رحلة فنية وثقافية وصناعية نحو المستقبل.